آراء
الرئاسية وتقييد الرئيس التوافقي
نص المقالة:
رئيس طرف او رئيس مقيّد
يستمر الفراغ الرئاسي منذ اشهر ولا تزال المباحثات تتراوح حول مواصفات الرئيس، كدليل على اننّا في مرحلة المفاوضات بين الفاعلين في السياسة اللبنانية ولم نتخطّاها بعد، بانتظار الوصول الى اتفاقٍ يُصنع له تمثيلية بإنتاج خارجي وبإخراج وتمثيل داخلي.
رغم أننّا كلبنانيين كنّا قد خضنا الجولة الاولى من المفاوضات في المجلس النيابي حيث لم تفضِ الجلسة الانتخابية الى انتخاب رئيس، بالتالي العودة الى التموضع وتحسين الموقع والقدرة بغية الذهاب بعيداً بالمرشحين.
طبعاً بالنسبة للقابضين على السياسة في لبنان فيفضلّون ايصال المرشح الذي “يحمي ظهرهم”، واذا تعثّر الأمر يلجؤون الى الرئيس التوافقي، ولكن من المؤكد عدم القبول بصورة قطعية بالمرشح الذي يحمي ظهر الطرف الآخر الخصم، وذلك تحت طائلة التعطيل والتعطيل المضاد.
اذاً من هو المرشح التوافقي؟
هو كائن من كان يضمن عدم التحيّز او الالتزام مع اي جهة في الداخل، وبالتالي هو الرئيس الحيادي في الداخل، يقال عنه رئيس لجميع اللبنانيين الذي لا يدخل في المتاهات والخلافات الضيقة او (لا يُسمح له بذلك)، أي لا يستطيع لا الحسم ولا الحلّ . في حين ان الطرف الذي يسعى جاهداً لايصال الرئيس التوافقي الحيادي الى السدة الرئاسية هو نفسه من يرفض الحياد في السياسة الخارجة.
بمعنى آخر، نستنتج من ذلك ان العلاقات الخارجية لن تكون من أعمال الرئيس التوافقي، الّا اذا كان في نفس المحور الخارجي وطرفاً في الداخل. ولكن الثابت الوحيد هو الاستمرار في البحث عن العمق والاجندات الخارجية وصرفها في لبنان.
فكيف لرئيسٍ توافقي ان يترجم حياده في العمل السياسي على مدار العهد؟
وكيف لداخلٍ غير حيادي تجاه الخارج ان يطالب برئيسٍ حيادي تحت تسمية التوافقية؟
في الحياة السياسية الداخلية لا يواجه المشاكل، اصلاً ما سيُترك له ليس سوى بعض الامور الادارية كإجراء انتخابات المجالس البلدية والنيابية، وبعض التعيينات والموافقة على الحكومات.
المشكلة هي في مواقفه في العلاقات الخارجية بوجه الخصوص عند التأزم في المنطقة، وبغياب مايسترو سنكون أمام الانقسام نفسه واعادة الكرة والضغط على الرئيس وتخوينه والطلب منه ان يبقى جانباً لأنه توافقي. وأي قرار يتخذه سيكون له في لبنان جهات داعمة وأخرى مناهضة، فتنكسر صفة التوافق فيه وتتحول الرئاسة الى هدف رماية وتراشق .
الرئيس التوافقي يُعيّن بالانتخاب ولا يُنتخب، يرقصون ويهلّلون له في البداية، وبدوره يقوم بخدمة المتوافقين، وهو بمثابة المدير العام للجمهورية اللبنانية وليس رئيسها.
اذاً بالتوافق يتفقون على رئيس حيادي في الداخل لا يستطيع ترجمة سياسته الحيادية الداخلية في الخارج، حيث يضغط كل طرف على الاعتماد على سياسته الفئوية تجاه الخارج، فيصبح الرئيس محيَّداً، والرئيس المحيَّد هو رئيس مقيّد.
ان تقييد الرئيس قبل انتخابه، او الاستمرار بهذه السياسة القائمة واعادة الكرة، اي الدفع عمداً الى الفراغ الرئاسي واعتباره امراً عادياً، انما لهو ضربٌ للرئاسة برمّتها، وجعلها رمزية وشكلية، غير فاعلة معطّلة، يقتصر دورها على بعض الادوار البروتوكولية و(استقبل – ودّع). وعملياً تكون قد جُرّدت من كامل الصلاحيات حتى المتبقية منها.
فالرئاسة مهددة من الداخل.
الكاتب : سيروج ابيكيان
مدير MEC affairs
مدير MEC affairs