أزمة القطاع العقاري صداع مستمر لاقتصاد الصين
بكين تسعى لضبط انفلات السوق ومجموعات جديدة تعلن إفلاسها وعبء الديون على المطورين ينذر بمزيد من الانهيار
صحافي متخصص في الشؤون الدولية
انضمت شركة عقارية كبرى في الصين إلى سلسلة الشركات العقارية الصينية التي طلبت الحماية من الدائنين، أي إعلان الإفلاس لعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين من حملة السندات، وتزامن إعلان ذلك مع حصول الشركة، “سوناك تشاينيز هولدنغ”، على موافقة مقرضين على إعادة جدولة ديون بمقدار تسعة مليارات دولار بعدما تخلفت عن سندات مستحقات سندات في الخارج.
وشركة “سوناك” هي الأحدث ضمن سلسلة الشركات العقارية الصينية التي تعاني من مشكلات لا تنتهي منذ عام 2021، وانهيار أكبر مجموعة عقارية صينية “إيفر غراند” تحت وطأة أكبر مديونية شركة على الإطلاق. ويعاني القطاع العقاري الصيني من أزمة مديونية هائلة، إضافة إلى تراجع مبيعات المساكن نتيجة ضبابية المستقبل الاقتصادي وتردد كثير من الصينيين في الإنفاق.
جاء اتفاق جدولة ديون الشركة العقارية على خلفية تفاؤل المستثمرين بالإجراءات التي شرعت فيها الحكومة الصينية لتخفيف الأعباء عن قطاع العقارات، الذي يمثل أكثر من ربع ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وتهدف تلك الإجراءات إلى توفير السيولة وتسهيل الإقراض للشركات العقارية المتعثرة ومحاولة تنشيط سوق مبيعات البيوت.
إلا أن أغلب المحللين يرون أن تلك الإجراءات ربما لن توقف مسلسل التعثر في القطاع وانضمام مزيد من الشركات العقارية إلى قائمة الإفلاس تحت وطأة الديون، ويتضح ذلك من استمرار هبوط أسهم الشركات العقارية، بخاصة على مؤشر بورصة “هونغ كونغ”. وكان سهم شركة “سوناك” خسر هذا العام حتى الآن ما يقرب من 40 في المئة من قيمته. ذلك على رغم ارتفاع عائدات الشركة بأكثر من 20 في المئة في الأشهر الستة الأولى من العام إلى 58.47 مليار يوان (8.02 مليار دولار).
مزيد من إعادة الهيكلة
تعد شركة “سوناك” نسبياً أفضل من غيرها من المجموعات العقارية الصينية التي أعلنت إفلاسها في العامين الأخيرين، فمجموعة “كانتري غاردن” العقارية الصينية التي تعثرت قبل أشهر وتخلفت عن دفع مستحقات ديون “سندات خارجية” متعددة في موعدها ما زالت تتفاوض على إعادة هيكلة ديونها، أما مجموعة “إيفرغراند” فما زال أمامها شوط طويل لإعادة جدولة ما يزيد على 31 مليار دولار، وكانت المجمووعة الأخيرة أطلقت سلسلة الانهيارات عام 2021 مع إعلانها الإفلاس تحت وطأة مديونية بلغت 300 مليار دولار، تعد الأكبر في تاريخ مديونيات الشركات على الإطلاق.
وهناك بعض الأمل مع توقع استمرار الحكومة في دعم القطاع العقاري وتسهيل وصول الشركات للتمويل لحل مشكلة السيولة، وحتى الآن، لم تعلن مجموعة “كانتري غاردن” إفلاسها، وربما تتمكن أيضاً من إعادة جدولة ديون سندات خارجية قريباً.
إلا أن توقف مسلسل التعثر ومشكلات المطورين العقاريين يعتمد على انتعاش السوق العقارية الصينية، وهذا ما تستهدفه التدخلات الحكومية الحالية في السوق.
وتقول بيتي وانغ، من مجموعة “إيه إن وي”، في مقابلة مع وكالة “رويترز” إن إجراءات الدعم الحكومي ربما توفر “طلباً حقيقياً” في السوق العقارية الصينية بخاصة في فترة انتعاش المبيعات التقليدية التي تحل موسمياً بنهاية سبتمبر (أيلول) وبداية أكتوبر (تشرين الأول) في المدن الكبرى.
لكنها تضيف: “إلا أن مدى وسرعة هذا التحول في السوق العقارية ستكون صغيرة مقارنة بالمعدلات الموسمية السابقة.. كما أن هناك شكوكاً حول ما إذا كانت ستؤدي إلى انتعاش مستدام بخاصة في ظل الضبابية التي تغلف سوق العمل والوظائف وتدهور العائدات والدخول وتشاؤم التوقعات عموماً، إضافة إلى احتمال الزيادة في المعروض من الوحدات السكنية على المدى الطويل”.
وتستند زيادة العرض المتوقعة تلك إلى تمكن ما تبقى من شركات التطوير العقاري المتعثرة في النشاط في حال استمرار الدعم الحكومي، إلا أن بعض المحللين لا يتوقعون أن تصل الحكومة الصينية في إجراءات الدعم إلى تغذية فقاعة جديدة في السوق العقارية، بخاصة وأن من استراتيجيات الفترة الرئاسية الثالثة للرئيس تشي جينبينغ إعادة ضبط الاقتصاد، بخاصة القطاعات التي شهدت غلياناً في السنوات الأخيرة مثل قطاع العقارات وقطاع التكنولوجيا المالية، إضافة إلى أن بكين ترغب في تقليل الاعتماد على التمويل الخارجي لأعمالها، سواء بسندات الدين الخارجية أو بطرح الأسهم في الأسواق الأجنبية.