دراسات

عزمي بشارة: الأيدولوجيا على رُقعة الجيواستراتيجيا

إسلام جديد لعالم جديد!
تنظر الولايات المتحدة الأميركية إلى الجغرافيا الإسلامية باعتبارها جغرافية صراع واحتواء، وهو ما أشار إليه المفكر الاستراتيجي الأميركي (صامويل هنتنغتون – Samuel Huntington)[2]، في كتابه “صدام الحضارات”، والذي تحدث فيه عن الحضارة الإسلامية التي تمثِّل في نظره إحدى “حضارات المواجهة”؛ لأنها تحتوي في داخلها على مجموعة من القيم والأفكار التي ترفض الهيمنة الأميركية[3]، بعد سنوات قليلة من انتشار أفكار (هنتنغتون) يصدر عن مؤسسة الأبحاث والتطوير التابعة لوزارة الدفاع الأميركية “راند” مجموعة وثائق تتحدث عن شكل جديد للإسلام مناسب أكثر لقيم الحداثة، حيث وجد باحثو المؤسسة ضالتهم في أعمال بعض “التنويريين” العرب التي استندوا إليها في تشكيل التصوّر المطلوب، فطالما كانت الليبرالية الغربية بمبادئها العولمية والتعددية والتي تهمش القيم المجتمعية والأحكام الأخلاقية لصالح الفردية والنسبية الأخلاقية أقرب بالتعريف لنسخة الإسلام الحداثوي الذي يطرح قيم مقاربة مثل نسبية المفاهيم ومقاصدية التشريع وسيولة التأويل ومحورية التديُّن الفردي، وهو ما طرحته مديرة المؤسسة (شيريل بينارد – Cheryl Benard) في مشروعها “الإسلام الديموقراطي المدني” الذي ألّفته بالمشاركة مع زوجها السفير الأميركي الأسبق في العراق (زلماي خليل زاده – Zalmay Khalīlzād)!

الاستثمار في الأيدولوجيا
قد يبدو منطقيًّا لدولة صغيرة مثل قطر أن تستثمر في مجالات القوة الناعمة التي تمنحها رافعة جيواستراتيجية تضمها إلى مقوّمات بقائها، فبدأت في الثمانينات بتأسيس “المركز العالمي للفكر الإسلامي” في واشنطن، ولم تنته باستقطاب فريق عمل قناة BBC عربي التي أقفلت أبوابها في 1991 وأُعيد تشكيلها مرة أخرى في الدوحة في هيأة قناة الجزيرة، ولكن ظلّ المشروع القطري الإعلامي مفتقرًا إلى ثقل فكري جرت محاولات تعويضه من خلال عرض الانضمام للمشروع على (محمد حسنين هيكل) في أواخر التسعينات ثم (غسان سلامة) في أوائل عام 2000 ومثقفين عرب من نفس الوزن وصولًا إلى 2007 عندما قدّم (عزمي بشارة) طلب لجوء إلى قطر إثر أزمة مع الحكومة “الإسرائيلية”، ما اضطره أن يعيد تموضعه وفق إطار المشروع الإعلامي الواعد.

بعد الحادي عشر من سبتمبر وكمقدمة لاحتلالها للعراق ظهرت حاجة الولايات المتحدة إلى حليف يتولى عملية التسويق/التمثيل في المنطقة للقوى الأميركية الصلبة، والتي يتصاعد وجودها بثبات بعد حرب الخليج الثانية، ليكون الانجاز القطري اللافت باختيارها لاستضافة مكتب تمثيل رسمي لحركة طالبان في الدوحة، ما مثّل لاحقًا باب خروج آمن للإدارات الأميركية الديموقراطية التي أرادت الانسحاب من حروب أفغانستان والعراق والتعويض عن أخطاء السياسات الجمهورية التي اختلقت حركة “الجهاد العالمي” بمساعدة سعودية ومصرية.

وعلى مدار السنوات تمّيز المشروع القطري بالمرونة والسرعة في ملئ الفراغ الجديد في مجال الإعلام الإلكتروني بعد ثورات “الربيع العربي” فتوسعت إلى مجال الصحافة الإلكترونية من خلال مثلًا: “هافنجتون بوست عربي” و “عربي21” ثم إلى مجال المدونات الشبابية من خلال مواقع: “ميدان” و “نون بوست” و “ساسة بوست” ثم مشاريع صحافة الفيديو مثل: أى جى بلس +AJ، ومن خلال الدعم غير المباشر لمدوني الفيديو المعارضين (اليوتيوبرز) من خلال “شركة فضاءات ميديا” التي يديرها (عزمي بشارة) شخصيًّا، فضلًا عن الدعم غير المباشر للفضائيات المعارضة في إسطنبول ولندن، وفي كواليس ذلك كله كانت شركات تكنولوجيا عرض المحتوى الرقمي القطرية تسبق مثيلاتها في العالم العربي بخمس سنوات على الأقل في كل قفزة من الصحافة الورقية إلى الإلكترونية إلى الفيديو إلى صحافة المواطن وأخيرًا صحافة الشبكات الاجتماعية! ومن ثم ترتيب ذلك كله بشكل منهجي في عملية “تشكيل” هوية جماعية جديدة لجماهير الخطاب الإسلامي واستقطاب نخب إسلامية جديدة لتدجينها وتطويرها وتوظيفها من خلال منتديات سنوية مثل: “مؤتمر الشباب السنوي” في إسطنبول و “هاكاثون الإعلام” في أسبانيا.

وعلى عكس ماكينات حرق الأموال العربية الأخرى كانت المشاريع الإعلامية المدارة من فريق الشيخ (حمد آل ثاني) أكثر مرونة وديناميكية في سرعة تبني مشروع (شيريل بينارد) “الإسلام المدني الديموقراطي” ولاحقًا مشروع “بناء شبكات الاعتدال الاسلامي”، بحيث أنها قدّمت بديلاً أكثر كفاءة عن مشروع الإعلام المصري الذي توقف عند خطاب الوطنية والقومية العربية، والمشروع السعودي القائم على ضخامة الإنفاق وشراء المعدات الحديثة والأسماء اللامعة ولكن بدون العمق النظري الذي تقدمه مراكز(عزمي بشارة) للمشروع القطري، ووافق البديل القطري المقدم هوى الجناح الليبرالي الديموقراطي في الإدارة الأميركية الذي قرر الاشتراك المباشر في “المنظومة” فافتتح فرعي “معهد كارنجي” و “مؤسسة راند” في الدوحة، وازدادت أهمية وحضور(بشارة) في كواليس المشروع من خلال التركيز على عملية “خلق” واستقطاب النخب التي ترفد هذا المشاريع، وإضافة العمق الأكاديمي والنظري من خلال حواضن مستدامة مثل: “مركز الدوحة للدراسات” و “جامعة قطر” و “المركز العربي للأبحاث والدراسات” و “مركز الجزيرة للدراسات” و “معهد الجزيرة للإعلام”.

مفكر يساري وحركات إسلامية.. ما الرابط؟

السؤال: ما هو العامل المشترك الذي قد يجمع بين “مفكر مسيحي يساري” وبين حركات الإسلام السياسي “الجديد”؟ الإجابة: الليبرالية والعلمانية الإيجابية، بمعنى فصل الدين عن الحياة السياسية، في كتابه “الإسلام في الليبرالية” يقول جوزيف مسعد: “في القرن الحادي والعشرين وفي سياق حروب الولايات المتحدة الحالية وفي تناغم مع المخططات الإمبريالية، تحرك كثير من المحافظين والليبراليين العرب والغربيين (…) لتحدي [ما أسموه] “العجز الديمقراطي” في “العالم الإسلامي” باعتباره مسألة الدين وليس فقط مسألة الثقافة التي يحفزها الدين.”[4]، فأسسوا برنامج عمل على أساس أن مشكلات المنطقة سببها “الإسلام القديم” واصفين الحل في “إسلام جديد” ذي أبعاد ديموقراطية ومدنية تنتجه الليبرالية على هواها كالذي رسمت أبعاده (شيريل بينارد) في كتابها “الإسلام المدني الديموقراطي”، أو “إسلام” ينتجه المسلمون على هوى الليبرالية كالذي تنتجه مراكز عزمي بشارة والمشروع القطري، ويلخّص (مسعد) ملامح “الإسلام الجديد” بقوله: “هو علمنة من الطراز الأوروبي لن تقوم فقط بتحويل الإسلام إلى دين شبيه بالبروتستانتية يمارَس في حدود الحيز أو المجال الخاص، بل وستجلب الديمقراطية والمواطنة الليبرالية في المجال العام بشكل لا تعوقه المفاهيم المعادية للديمقراطية المزعومة في الإسلام القائم [القديم]”[5].

في كتابه “الأسس الفكرية للعلمانية”[6] يشرّح الدكتور (مصطفى عزيزي) الأسس المعرفية للأيديولوجيا العلمانية والتي بدأت نتاج طبيعي لأزمات المجتمعات المسيحية وآليات نقلها إلى المجتمعات الإسلامية من خلال عمليات ثابتة تمارس (إعادة الصياغة – الترويج – الترسيخ) لكل أساس من أسس العلمانية والليبرالية السياسية على حدى، كما هي بالترتيب: (الأنسنة Humanism – الفلسفة الوضعية Positivism – العلموية Scientism – العقلانية Rationalism – الليبرالية Liberalism – النسبية Relativism – الحقوق الطبيعية Natural Rights – نفي العلاقة الجوهرية بين الدين والدولة – السلطة حق بشري)، ومثل كل المشروعات الحداثوية/ التنويرية/ العلمانية عمل مشروع (بشارة) ضمن رؤية الداروينية الاجتماعية التي تفترض أن مسار التطور الغربي نحو الديمقراطية الليبرالية هو المسار الوحيد، وعلى الآخرين السير في ركابه فتتولى مراكز (بشارة) عملية “الترقية الاجتماعية” تلك بشكل منهجي على ثلاث خطوط رئيسية:

-نشر وترسيخ نسخة عربية/ إسلامية عن تصور البرجوازية الأوربية عن نفسها وعن الوجود والحياة، والكون، والمجتمع، والإنسان.. تحت غطاء نشر الإصلاح الديني والتنوير والعلمانية الأخلاقية والتقدم والحريات والتحديث الأكاديمي.

-نقل الفرد من حالته الدينية إلى الحالة المدنية. (أي تصغير مساحة الغيبيات ومرجعية الدين والأخلاق لصالح مساحة مرجعية “العلماء” والبراغماتية).

-نقل الفرد من حالته الجماعية إلى الذاتية والفردانية (أي الانسحاب من نقاش أو اعتناق هوية جماعية والتفاعل على أساسها والانتقال إلى مرجعية الذات في الحكم على الأشياء وكدافع وحيد للفعل).

التنوير.. العرض والطلب!

بالرغم من كونه مسيحي علماني، يطرح (عزمي بشارة) نفسه كمفكر قومي يعتدّ بالثقافة العربية الإسلامية كمفهوم ثقافي جامع، يقول (بشارة) على موقعه الرسمي أن هذا سبب تسميته نفسه (أبو عمر)، لكن الأكيد أن الكنية الجديدة كانت تعريفًا مطمْئنًا للنخب والجماعات الإسلامية لتذكيرها بالخليفة (عمر بن الخطاب) وغيره من الخلفاء الذين لم يثنهم الاختلاف في الدين مع (كعب الأحبار) و (تميم الداري) و (موسى بن ميمون) و (ابن ملكا البغدادي) عن رعايتهم وضمهم لحاشية الحكم الإسلامي كأحد أهم الركائز الثقافية، فقد تكون لفتات شكلية بسيطة مثل إشهار (لورنس العرب) إسلامه، وإشهار (نابليون بونابرت) إسلامه في الأزهر، وادّعاء (أدولف هتلر) انه مخلّص آخر الزمان، وادّعاء (بنيتو موسوليني) أنه حامي الإسلام، جميعها مبادرات “ذكية” لكسر جليد الانطباعات المسبقة وتمكّن من النفوذ المباشر للعقل.

في مؤلفات (بشارة) يمكن أن تستشف الخطوط الرئيسية للأفكار التي سيعمل على ترسيخها على مدار عمله في مشروع القوى الناعمة القطري، وخصوصًا في العقل الحركي الإسلامي، مثلا، في كتابه “الثورة والقابلية للثورة” يطرح (بشارة) مقاربة ثورية جديدة على حركات الإسلام السياسي هو ألا تكون الثورة مفرطة في “الحماسية” والخطاب العاطفي، وأن تتجاوز الشعارات الشعبوية مثل: “حلم الدولة/الأمة الإسلامية” و “شيطنة أميركا” إلى أهداف أكثر “عقلانية” مثل: تقديم الحفاظ على الشكل الحالي للدولة وتقديم تعريف جديد للهوية الوطنية وانتهاج “الإصلاح” الذي هو -حسب بشارة- روح الثورة! يقول في الكتاب: “فالثوري، يجب أن يكون إصلاحياً يقود إصلاحاً في النهاية، والإصلاحي يمكن أن يقود تحولًا ثوريا. أما الثوري الذي ينفي كل ما هو قائم ويرفض الإصلاح فغالباً ما ينتهي إلى أيديولوجية شمولية وإلى استبداد من نوع جديد.” وينظّر (بشارة) إلى وجوب عودة “حركات الإسلام السياسي” إلى ما أسماه “الواقعية السنية” والابتعاد عن “ثورية الخوارج”.

وعلى أساس من رؤية كونية مادية ومسلّمات علمانية يقدّم (بشارة) تفسيراته للظواهر السياسية والاجتماعية، مثل التركيز على المحددات الاجتماعية المادية للثورة حيث يقول: “القابلية للثورة تعني الوعي بأن وضع المعاناة هو حالة من الظلم، وأنها معاناة غير مبررة و ليست حالة طبيعية، والوعي بإمكانية الفعل ضد هذا الظلم في الوقت نفسه”، وعليه فإن وجود تناقض اجتماعي وسياسي بين الحكام و المحكومين وعجز السلطة الحاكمة عن حل هذا التناقض هو الفراغ الذي يجب أن تملأه الجماعة الثورية، ليصرف (بشارة) نظر الحركات الثورية وخاصة الإسلامية عن التناقضات الأساسية بين الواقع والمأمول في مجالات: شكل الدولة والنظام العالمي والعلاقات الدولية ومفاهيم المِلكية والحرية والحاكمية على المجال العام وتقسيم السلطات والتي تختلف جميعها جذريًّا بنفس قدر الاختلاف بين نظرية “العقد الاجتماعي” و نظرية “حاكمية التوحيد”.

على سبيل المثال في كتابه “الدين والعلمانية في سياق تاريخي” يُنظّر (بشارة) إلى أن الدين بالتعريف أمر مختلف عن الأخلاق، وأن الدين كظاهرة اجتماعية لا يمكن فهمه بغض النظر عن “التديُّن”، ويمكن القول أن وجهة نظر (بشارة) حول الدين ودوره في الحياة هو إعادة صياغة -لا تخلو من لباقة- لنظريات التنويريين العرب ومن قبلهم المستشرقين الداعية إلى اعتبار الدين “ظاهرة اجتماعية متغيّرة وقابلة للدرس (…)” باعتبار أن معظم ما وصلنا مما نظنه “أحكام الدين” يجب تجاوزها باعتبارها “تديُّن”، وأن هذا التديُّن أمر ذاتي فردي مرتبط بظروف زمانه ومكانه ويجب تجاوزه في مسائل الدولة والمجتمع إلى العقلانية/المقاصدية/المصلحة/البرجماتية! وأن الأخلاق ليست أمرًا مطلق ولا مرتبطاً بالدين، بل هي مفاهيم يمكن عقلنتها وبالتالي يمكن -بل يجب! – تغيير تعريف “ما هو أخلاقي” بتغير ظروف الزمان والمكان! .. وعليه، -نظريًّا- لا يوجد في الإسلام ثوابت استراتيجية أو ما نسميه “خطوطًا حمراء”، فعلى سبيل المثال: قد يصبح الاحتلال أخلاقيًّا في وقت من الأوقات، وكذلك قد يصبح أخلاقيًّا العولمة الثقافية والليبرالية السياسية والتحالف مع الصهيونية والمنظومة المالية العالمية.. إلخ.

ويضع (بشارة) الثورة الفرنسية بمبادئها العلمانية معيارًا يقيس عليه باقي الثورات، مؤكدًا بشكل غير مباشر أن المفاهيم الدينية والأخلاقية المطلقة قد تكون أحد معوقات نجاح الثورات، وأن المعايير المادية مثل: القوة والدهاء والأحلاف هي مفاتيح نجاح الثورات “الإصلاحية”. وإن كان من الطبيعي في تحليله الاجتماعي للثورات العربية أن يتجاوز (بشارة) الثورة الإيرانية الى الثورة الفرنسية حيث لا يتوفر عن الأولى مصادر أكاديمية كافية، لكن هل من الدقة الأكاديمية مقاربة المجتمع المسلم بكل خصائصه الثقافية والدينية مع المجتمع الأوروبي في عصر النهضة وإسقاط صراع القصر والكنيسة والعلم على القوى الاجتماعية الحالية؟ في كتبه يدعو (بشارة) جماعات الإسلام السياسي إذا تعارضت “المصلحة الوطنية” مع الأخلاق في مسائل الحكم والسياسة أن يرجّحوا معيار “القوة المادية” على الأخلاقية مستندًا إلى رأي (أحمد بن حنبل) عن السياسي والحاكم المثالي بقوله: “.. أما الفاجر القوي فقوته للمسلمين وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين.”!

نجح (بشارة) في ترويج نموذجه المعرفي إلى حدّ إحداث تغيير عميق في البنية المعرفية والفكرية لحركات الإسلام السياسي في العالم العربي والإسلامي؛ فمن يحلل الإنتاج الثقافي الأدبي والفني لجماعات الإسلام السياسي في العقدين الأخير سيجد تغييرًا جذريًّا في خطابها من “الخطاب الثوري” إلى ما يسمى “الخطاب الإصلاحي”، مثلًا: حسب موقع مؤشرات الذيوع Google Trends فإن عدد عمليات البحث عن “أناشيد إسلامية بدون إيقاع” انخفض في 2023 إلى 1% من عدد عمليات البحث عن نفس المصطلح في 2004، فيما تضاعفت عدد عمليات البحث على جوجل عن “منحة دراسية” بمقدار الضعف تقريبًا في نفس الفترة، فمن كان يتصور أن سودان “اللاءات الثلاث” و “أميركا وروسيا قد دنا عذابها” و ”لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأميركان” والذي استضاف أنشطة (أسامة بن لادن) وتبنى تصنيع وتصدير السلاح الى غزة -وخلال عقدين فقط من الزمان- سيصل تياره الإسلامي إلى حالة الشلل السياسي، من كان يتصور ان لقاءات أعضاء مجلس السيادة السوداني مع رئيس وزراء “الكيان الصهيوني” سيمرّ مرور الكرام على التنظيمات الاسلامية التي اكتفى بعضها بإصدار بيانات تنديد لإبراء الذمة. ومن كان يتخيل أن حزب العدالة والتنمية الإخواني في المغرب وأمينه العام (سعد الدين العثماني) يقرون التوقيع على اعتراف مشترك مع “الكيان الصهيوني” بذريعة الحفاظ على وحدة حدود الدولة الوطنية! ومن كان يتصوّر أن يخطب الشيخ (راشد الغنوشي) أمام اللوبي الصهيوني في أميركا “الأيباك”! .. وأن يمرّ ذلك كلّه على شباب الإسلاميين في العالم العربي مرور الكرام!

لم يتوقف تأثير (عزمي بشارة) من خلال هندسته المشروع الإعلامي والثقافي القطري لإجراء تغيير فكري جذري لجماعات الإسلام السياسي، ولكن تأثيره الأعمق والأطول سيكون من خلال ثورات “الربيع العربي” وما بعدها .. وهذا ما سنناقشه في المقال القادم. يتبع

[1] علي، الشيخ شادي، طالب بالحوزة الدينية.

[2] كان هننجتون أستاذًا للعوم السياسية في جامعة هارفارد ومخططاً أمنياً في إدارة الرئيس جيمي كارتر، وشارك في تأسيس مجلة فورين بوليسي، وترأس عدة مراكز دراسات بحثية، وعمل مستشاراً لـ (هوبرت همفري) نائب الرئيس (ليندون جونسون).

[3] صمويل هنتنغتون: صدام الحضارات وإعادة صنع النظام العالمي الجديد، ترجمة طلعت الشايب، ص 85.

[4] جوزيف مسعد، 2018. «الإسلام في الليبرالية». ترجمة وتحقيق أبو العباس إبراهيم. جداول للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت. ص 95.

[5] ن.م.، ص 96.

[6] مصطفى عزيزي: الأسس الفكرية للعلمانية .. عرض ونقد، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، النجف، العراق، 2020.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع

المصدر: حساب الكاتب على شبكات التواصل: https://fb.com/shadymar19

الكاتب: الشيخ شادي علي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى